ماجد الشويلي
يعتقد البعض أن العراق ارتقى لمستوى الفاعل الاقليمي ، وغادر مرحلة كونه منفعلا
لسياسات الفواعل الاقليمية المؤثرة في المنطقة ، ذات التحالفات والارتباطات الدولية الوثيقة .
وكعراقيين كلنا نتمنى ذلك ونطمح له ، لا بل نسعى جاهدين بما يمليه علينا الواجب الوطني لتحقيقه .
الا أن الحقيقة والواقع غير ذلك .
نعم لا ننفي أن الوضع في العراق أفضل مما كان عليه قبل عقد من الزمن على الأقل، ولكن في الوقت ذاته أمامه طريق شائك وطويل ليعتلي عتبة التأثير في رسم سياسات المنطقة وهندسة تموضعاتها بشكل إرادي ،
نعم قد يسهم العراق أحيانا في برمجة العلاقات البينية لاقطاب المنطقة ، لكن لاعلى نحو المبادرة والقصد بقدر ما هي على نحو دوره الترجيح لهذه الكفة على تلك بلحاظ اقترابه منها .
فالعراق دونًا عن بقية دول المنطقة ليس له حليف ستراتيجي ولاشراكة اقتصادية وأمنية
حقيقية مع الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن ، ولم ترتق اتفاقياته الى معاهدات يعتد بها مع أي منها ، وظل يعيش طيلة الفترة الماضية التي اعقبت سقوط النظام البعثي المقبور على ضفاف الوعود والتفاهمات المحدودة والتقلب بين هذا المعسكر وذاك،
الى أن حاز مندوحة الاستقرار الشرطي حين يمم وجهه صوب المجموعة العربية بمباركة ورعاية غربية .
واليوم وبعد أن شهدت المنطقة على وقع انهيار نظام الأسد اصطفافات معلنة وغير معلنة منشطرة الى وجهتين ؛،الأولى المعسكر الاخواني بقيادة تركية قطرية ، والثانية المعسكر التقليدي بقيادة السعودية، الذي اختار التقارب مع الجمهورية الاسلامية لتعديل ميزان القوى لصالحه،
لذا ذهبت قطر وعلى مايبدو لاستمالة العراق وضمه لمعسكرها بحسب الظاهر من المعطيات والفهم الأولي في قراءة المشهد السياسي الحالي .
وعلى مايبدو أن تجليات هذا الشد والجذب
الذي اعترى الوضع العراقي الآن ستبرز بشكل فاقع عند خوض غمار العملية الانتخابية .
ومن خلال نظرة استشراف بسيطة ، يمكننا تفسير حرص القطريين على ضرورة أن ينبري العراق لدعم النظام السوري الذي يعاني تحديات اقتصادية وسياسية حقيقية،
وعزلة بانتظار الضوء الأخضر الامريكي
لشروع بقية بلدان العالم الاعتراف الرسمي بها .
لكن هذا التوجه الجديد قد يدخل العراق في دوامة التجاذبات الاقليمية بما ينعكس سلبا
على استقراره وثبات وجهته السياسية والاقتصادية
وتبقى العين على سوريا وما يمكن أن يحدث فيها قريبا .
|