• الموقع : وكالة عين شاهد .
        • القسم الرئيسي : مقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : علي بن محسن المعشني: المفكر العُماني الذي يهزّ عرش الاستكبار العالمي .

علي بن محسن المعشني: المفكر العُماني الذي يهزّ عرش الاستكبار العالمي

 

 

 

 

 


بقلم: عدنان عبدالله الجنيد.
في عالمٍ يموج بالصراعات، حيث تتشابك مصالح القوى العظمى وتُصاغ الروايات الإعلامية لخدمة الهيمنة الغربية، يبرز صوت عربي مستقل يُقدّم تحليلاً استراتيجيًا يُشكّك في أسس النفوذ العالمي: صوت المفكر العُماني علي بن محسن المعشني.
إنه ليس مجرد محلل للأحداث، بل عقل استراتيجي يرسم خرائط القوة من فلسطين واليمن إلى قلب الشرق الأوسط، مؤكدًا أن الشعوب العربية قادرة على صناعة مستقبلها بعيدًا عن التبعية والانكسار.
مسيرة فكرية وسياسية: من ظفار إلى البرلمان العربي:
وُلد المعشني عام 1963 في محافظة ظفار العُمانية، وتشكّل وعيه السياسي عبر مسيرة غنية بالعمل والفكر، حيث شغل مناصب رفيعة أبرزها:
باحث برلماني في مجلس الشورى العُماني.
عضو مجلس الدولة العُماني.
نائب رئيس البرلمان العربي.
لكن تأثيره الأبرز جاء من الإعلام، حيث قدّم برنامج "ما قل ودل" على قناة النبراس، الذي تحوّل إلى منصة لتبسيط القضايا الكبرى وفضح الهيمنة الغربية والإسرائيلية بأسلوب موجز وعميق، ما جعله صوتًا مختلفًا عن السرديات السائدة.
جوهر الفكر: تفكيك منظومة الاستكبار
يرى المعشني أن "النظام العالمي" ليس مصطلحًا نظريًا، بل منظومة استكبارية تُحكِم قبضتها على العالم بأدوات متعددة:
السيطرة الاقتصادية والسياسية: عبر فرض سياسات تخدم مصالح القوى الكبرى وتُبقي الدول التابعة في حالة ضعف.
الدعم المطلق للكيان الصهيوني: ليكون بمثابة ذراع متقدمة في قلب المنطقة، ومهمته إضعاف الدول العربية وضرب قدرتها على التطور.
إشعال النزاعات الداخلية: لضرب استقرار الدول وتفتيت قدرة الشعوب على المقاومة.
في المقابل، يطرح المعشني ثقافة المقاومة كخيار استراتيجي وفلسفة وجودية تُمكّن الأمة من التحرر والانتصار، مؤكدًا أن الإرادة البشرية والعزيمة قد تهزم أقوى الأسلحة، وأن القيم هي ما يصنع الانتصار لا التكنولوجيا وحدها.
المقاومة في غزة واليمن: النموذج العملي:
يُقدّم المعشني غزة واليمن كأمثلة حية على تفوق الإرادة على الآلة، حيث:
غزة: تحطيم أساطير الردع
يرى المعشني أن عملية "طوفان الأقصى" (7 أكتوبر 2023) لم تكن مجرد هجوم عسكري، بل زلزال استراتيجي هزّ أسس الهيمنة:
انهيار نظرية الردع الإسرائيلية، القائمة على التفوق التكنولوجي والاستخباري.
فشل منظومة القبة الحديدية أمام الكم الهائل من الصواريخ، ما أثبت أن التكنولوجيا العسكرية محدودة بلا إرادة بشرية.
تفوق التخطيط الدقيق والعزيمة البشرية، التي تمكنت من هزيمة المعدات المتقدمة، مؤكدًا أن الإرادة تهزم الآلة.
اليمن: قوة ردع البحر الأحمر:
على الرغم من وصفه للحرب في اليمن بأنها "عبثية"، إلا أنه يُشيد بقدرة أنصار الله على تحويل مواقعهم إلى أدوات استراتيجية:
الردع البحري: السيطرة على مضيق باب المندب كوسيلة اقتصادية لضرب "إسرائيل" دون مواجهة مباشرة.
تغيير قواعد الاشتباك: استهداف السفن المرتبطة بالكيان الصهيوني، ما فرض معادلات جديدة على القوى الغربية وأجبرها على إعادة حساباتها.
إشادة بالموقف اليمني والقيادة المقاومة
لا يمكن الحديث عن المعشني دون الإشادة بالموقف اليمني الصامد في وجه قوى الاستكبار، حيث يقدّر عالياً موقف القوات المسلحة اليمنية، التي قدّمت مثالًا حيًا على الشجاعة والإرادة القوية في معركة البحر الأحمر، وأثبتت قدرتها على مواجهة التحديات الكبيرة وتحقيق توازن استراتيجي في المنطقة.
ويثير إعجابه السياسة الإيرانية بقيادة آية الله الخميني، التي تستند إلى رؤية واضحة لدعم المقاومة في فلسطين وكل من يقف بوجه الكيان الصهيوني. يرى المعشني أن إيران تقدم نموذجًا متفردًا للثبات السياسي والاستراتيجي، حيث يتسم دعمها بالقضية الفلسطينية بالاستمرارية والعمق، ويُظهر تزامنًا بين الأبعاد العسكرية والفكرية والفكرية.
محور المقاومة: جبهة استراتيجية متكاملة:
لا يرى المعشني المقاومة كتحركات متفرقة، بل كجبهة استراتيجية موحّدة تجمع بين الأبعاد العسكرية والإعلامية والفكرية:
البعد العسكري: تطوير أدوات ردع غير تقليدية توازن القوى الإقليمية.
البعد الإعلامي: مواجهة التضليل الغربي وبناء سردية بديلة تنقل الحقائق وتعزز وعي الشعوب.
البعد الفكري والمعنوي: ترسيخ ثقافة المقاومة كخيار وجودي للتحرر والكرامة.
الإعلام كساحة صراع:
يشير المعشني إلى أن الإعلام الغربي هو أخطر أدوات الاستكبار، إذ يعيد صياغة الحقائق لخدمة الهيمنة. لكن المقاومة نجحت في بناء سردية مضادة:
الوصول المباشر: تصل مباشرة إلى الشعوب دون وساطة، وتكسر احتكار الغرب للمعلومة.
إثبات النصر: تثبت أن النصر ممكن وأن "الجيش الذي لا يُقهر" مجرد وهم، مما يبعث الأمل في النفوس.
تعزيز الثقة: تقوض أسطورة الغرب المتفوق وتعزز ثقة الأمة بنفسها.
تنبؤات وحلول استراتيجية للمستقبل
يقدم المعشني رؤية مستقبلية جريئة ترتكز على حلول استراتيجية عملية:
تنبؤاته:
زوال الكيان الصهيوني: بفعل التفوق الديموغرافي الفلسطيني وتفكك العوامل الداخلية للكيان.
تراجع الهيمنة الأمريكية: مع صعود قوى عالمية كالصين وروسيا، ما يمنح الدول العربية هامش تحرك أوسع.
انتصار المقاومة: ليس عسكريًا فقط، بل أيضًا معنويًا وفكريًا، عبر زرع الأمل في الشعوب وتعزيز قدرتها على مواجهة الهيمنة.
الحلول التي يقترحها:
رفض التطبيع: باعتباره خيانة للأمة لا يقوض المقاومة فحسب، بل يكرس الهيمنة الأجنبية.
تعزيز ثقافة المقاومة: كخيار استراتيجي لا مفر منه للتحرر والسيادة.
بناء وحدة عربية مستقلة: اقتصاديًا وعسكريًا، لتحقيق الاكتفاء الذاتي وكسر التبعية.
نشر الوعي: ومواجهة التضليل الإعلامي بالحقائق والتحليل العميق.
صوت يتجاوز الحدود:
علي بن محسن المعشني ليس مجرد محلل سياسي عُماني، بل عقل استراتيجي عربي وعالمي. صوته يمثل إنذارًا للقوى الغربية بأن زمن الهيمنة بلا منازع قد انتهى، وأن الشعوب لم تعد قابلة للتضليل أو الاستعباد.
إن فكره ومواقفه تُثبت أن الكلمة والفكر قد يهزان عروش الإمبراطوريات أكثر من الصواريخ، وأن المقاومة ليست حلمًا بعيدًا، بل حقيقة تتشكل أمام أعين العالم.
خاتمة: الفكر سلاح لا ينكسر
علي بن محسن المعشني ليس مجرد محلل استراتيجي؛ بل هو مفكر عميق يعكس رؤاه في أعمال فكرية متعددة، سواء كانت كتبًا أو دراسات ومقالات، يبرز فيها اهتمامه بقضايا أساسية في الفكر العربي. 
فمن خلال أعمال مثل "العقلانية في الفكر العماني"، و"إشكالية العلاقة بين التراث والحداثة"، و"أزمة الوعي التاريخي في الفكر العربي المعاصر"، يقدّم المعشني نموذجًا للعقل المستنير القادر على قراءة الواقع بعمق وتفكيك أساطير الهيمنة الغربية.
في الختام، يُمكن القول إن المعشني يمثل صوت العقل الحر والفكر المستقل، الذي يُثبت أن الكلمة والفكرة أحيانًا تكون أقوى من الصواريخ والأساطيل. إنها دعوة دائمة للشعوب العربية أن تُعيد الثقة بنفسها وتُؤمن بقدرتها على صناعة مستقبلها، لأن المقاومة ليست مجرد خيار، بل طريق لتحقيق الكرامة والحرية.
لقد أظهر فكر المعشني أن التحليل العميق والوعي الصادق هما السلاح الذي يمكن أن يهزّ عروش الهيمنة، وأن إرادة الشعوب هي العامل الحاسم في رسم معادلات القوة في الشرق الأوسط، مؤكدًا أن الفكر المستنير هو مفتاح التغيير الحقيقي.


  • المصدر : http://www.ayn-shahid.com/subject.php?id=11974
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2025 / 08 / 21
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 09 / 24