• الموقع : وكالة عين شاهد .
        • القسم الرئيسي : مقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : فضيحة الاستعلاء الأمريكي في القصر الجمهوري: إهانة للصحافة اللبنانية والعربية .

فضيحة الاستعلاء الأمريكي في القصر الجمهوري: إهانة للصحافة اللبنانية والعربية

 

 

 

 

 

قاسم الغراوي 

 

في سابقة تنم عن قلة الاحترام للمؤسسات الاعلامية داخل القصر الجمهوري اللبناني وأمام عدسات الإعلاميين اللبنانيين والعرب، أطلق أحد أعضاء الوفد الأمريكي، المدعو “برّاك”، كلمات متعجرفة تفتقد إلى أبسط قواعد اللياقة والدبلوماسية. فبدل أن يظهر احترامًا للصحافة المستضيفة وللمكان الرسمي الذي يجلس فيه، اختار أن يخاطب الصحفيين بلهجة أقرب إلى التوبيخ قائلاً:
“أرجوكم اصمتوا للحظة… في اللحظة التي يصبح فيها هذا الوضع فوضويًا، كالحيواني، سنختفي”، قبل أن يتابع حديثه بأسلوب لا يخلو من الاستعلاء والاستخفاف.
قم تابع قائلا: "اذا اردت ان تعرف مايحدث تصرف بتحضر ، تصرف بلطف ، تصرف بتسامح ، لان هذه مشكلة مايحدث في المنطقة "

سقوط الدبلوماسية أمام الغطرسة
الدبلوماسية، في جوهرها، فن التعامل الراقي مع المواقف المتوترة، واحترام آراء وأسئلة الآخرين حتى في أحلك الظروف. 

لكن ما صدر عن هذا المسؤول الأمريكي لم يكن سوى انعكاسٍ لعقلية القوة الفوقية التي ترى في نفسها وصيًا على الآخرين، وفي الصحافة مجرد أصوات مزعجة يجب إسكاتها. فهل يُعقل أن يتعامل دبلوماسي مع الإعلاميين بوصفهم “فوضويين” و”حيوانيين”؟ هذا السلوك لا يُعبّر عن حضارة أو أخلاق، بل عن استهزاء متعمد.

إهانة في قلب بيروت 
الفضيحة تتجاوز حدود الكلمة المسيئة إلى مكانها وتوقيتها. فالقصر الجمهوري اللبناني ليس مجرد مبنى رسمي، بل هو رمز لسيادة لبنان وكرامته. وما جرى فيه لم يكن مجرد تجاوز فردي، بل إهانة واضحة للصحافة اللبنانية التي لطالما دفعت أثمانًا باهظة دفاعًا عن حرية الكلمة، كما هو إهانة للصحافة العربية التي تعاني أصلًا من محاولات التهميش والاستخفاف بها على المستوى الدولي.

 أن طبيعة البروتوكول والسلطة السياسية تجعل أي اعتراض من قبل الاعلاميين والصحفيين في تلك اللحظة مكلفًا، وربما يُعتبر خروجًا عن السياق أو إساءة “للعلاقات”. الصمت هنا لا يعني الرضا، بل يعكس الإكراه الذي تُمارسه لغة القوة، حيث يصبح الاعتراض مخاطرة قد يدفع الصحفي ثمنها.

الحادثة، وإن بدت عابرة للبعض، تكشف صورة أمريكا الحقيقية في المنطقة فهو ليس شريكًا يحترم سيادة الدول وإعلامها، بل قوة غاشمة تتحدث من موقع الوصي والمتعالي. مهما لبست واشنطن ثوب “الديمقراطية” و”حقوق الإنسان”، فإن لحظة التوتر تسقط عنها الأقنعة سريعًا، ويظهر وجهها الحقيقي وجه الغطرسة والاستهانة بالآخر.

إن ما جرى في القصر الجمهوري ليس مجرد خطأ بروتوكولي، بل فضيحة دبلوماسية يجب أن يتوقف عندها الجميع. فكرامة الصحافة اللبنانية والعربية ليست سلعة للتلاعب أو مجالًا للتوبيخ من أي وفد أجنبي. والواجب اليوم أن يكون الردّ على مثل هذه السلوكيات بمزيد من التمسك بحرية الكلمة ورفض أي محاولة استعلاء أو تهميش .
فالصحافة التي صمتت مضطرة في القاعة، تستطيع أن تُدوّي بكلمتها خارجها، وتفضح هذه العقلية التي لا ترى في منطقتنا إلا ساحة نفوذ، وفي إعلامنا إلا أداة هامشية.


  • المصدر : http://www.ayn-shahid.com/subject.php?id=12125
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2025 / 08 / 27
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 09 / 24