
ظاهرة مقلقة انتشرت في الآونة الأخيرة في المنازل العراقية، وهي تربية الحيوانات الاليفة والتي وصلت بعدد لا يستهان به من الأهالي، الى الافراط في التدليل للحيوانات على حساب أبنائهم وتربيتهم.
بالطبع أن الرفق بالحيوان أمر إنساني وديني، ولكن لا يجب أن يتحول هذا الإهتمام الى الإفراط، وأن يكون بديلا عن التربية الاسرية، ومسؤولية الأبوة والأمومة في الاعتناء بالاولاد فهنا تكون الكارثة.
تخيل أن يعامل حيوان أليف وكأنه إبنه يهتم به ويرعاه وينفق عليه، بينما يترك طفله معظم الوقت دون توجيه، أو يهمل أخلاقيا وعاطفيا، هنا سنرى الخلل الكبير في ترتيب الاوليات داخل الاسرة.
رجل يشتري لكلبه طوق ذهب، سيدة تشتري لقطتها الاليفة سوار من ذهب وتؤثث لها غرفة نوم، كماليات باموال طائلة هل هذا صحيح؟؟
مدري ليش إتذكرت اللي يگولون زمن بابا صدام أحسن ، الله يرحم ايامك بابا صدام، أيام خبز النخالة وفصم التمر وأيام صبغ المعجون، وايام البيضة أم الطحين وهسه صار يشتري لبزونته هدوم ويلبسها ويگعدها بالصدر يمه ويفتر بيها بسيارته.
هل تعلم أن العراق هو ثاني أكبر دولة في الاستيراد من تركيا للوازم الحيوانات الأليفة وطعامها، ومن المتوقع أنه وصل الى 20 مليون دولار فقط في عام 2024 وحتى بداية 2025، هل تعلم أن العراق قد صرف خلال ال 6 أشهر الأولى من العام 2004 بحدود 7.4 مليون دولار فقط لهذا الجانب.
لو قارنا بين الإنفاق على الحيوانات والإنفاق على التعليم داخل البلد، فان العراق يحتل المرتبة 87 من أصل 200 دولة بمعدل إنفاق من الناتج المحلي 4.7% على التعليم، لكن هل مستوى العملية التعليمية بمستوى العملية التربوية للحيوانات الأليفة؟؟، هذا السؤال عليكم أنتم أن تجيبوا عنه.
تخيل أن بعض الآباء ربما يعارض توفير مبالغ مادية لإبنه لغرض دروس التقوية أو التعليم، لكنه لا يعارض شراء طعام لحيوانه الأليف، يتردد حين يكون المصروف يخص إبنه أكثر من حيوانه المدلل، ربما الحيوانات تعطينا لحظات او ساعات من السعادة والترفيه، لكن مستقبل الأبناء هو من يعطينا الامان والضمان ورضا الله، ايضا حين تهتم بأبنائك فهو الإمتداد الصحيح لرسالتك في الحياة وليست حيوانك الأليف.
إليكم أبرز مساويء إنتشار ظاهرة تربية الحيوانات الأليفة في مقابل إهمال تربية الأولاد داخل المجتمع العراقي:
1. خلل في ترتيب الأولويات حيث التركيز على حيوانك الاليف يعكس خللاً في ترتيبك للاولويات الأسرية يفترض ان يكون للابناء الأولوية القصوى والاهتمام الأول.
2. ضعف في الروابط الأسرية حيث يسبب الإهمال للأبناء فجوة عاطفية تؤدي الى تفكك العلاقات الأسرية وضعف التواصل بين الجميع.
3.انحراف الأبناء سلوكيا حيث تسبب ذلك إهمال التربية والرقابة بانجرافهم الى رفاق السوء والوقوع في سلوكيات مغلوطة يتجه لغياب التوجيه والاهتمام.
4. تهميش دور الاسرة التربوي حيث سيعتمد الأبناء على وسائل التواصل الإجتماعي أو الشارع لإكتساب القيم والتي قد لا تتفق مع القيم المجتمعية او الدينية
5. إنتشار ظاهرة الأنانية والاهتمام بالمظاهر والتي قد تعكس ظاهره الاهتمام المفرط بالحيوانات نوعا ما والأنانية وحب الظهور على حساب المسؤوليات الحقيقية والجوهرية
6. أثر إقتصادي سلبي حيث تتطلب تربية الحيوانات الأليفة مصاريف كبيرة وهذا قد ينفق أحيانا على حساب احتياجات الأبناء وتعليمهم او تطويرهم.
7. تشوه صورة الأدوار التربوية في مجتمع تقليدي محافظ مثل المجتمع العراقي الذي يحمل قيما قوية فهو اصبح يفضل الحيوان على الطفل وهذا نوع من الإنفصال الثقافي والديني الغريب.
من الجيد أن نعلم الأبناء الرفق بالحيوان وحسن التعامل معه، لكن الأجمل هو أن نعطي للاولاد ما يحتاجونه من الحب والحنان والاهتمام والتوجيه، فالاسرة ليست مكانا فقط للطعام والنوم، بل هي مكان للتربية والتعليم والاحتواء فان غاب دور الأهل مع أولادهم فعلى المجتمع السلام.
ان تربية الأبناء الآن تحت تحدٍ كبير، فاولادنا معظم الوقت يتركوا بلا رقابة، يبحثون عن الإهتمام والاحتواء خارج منازلهم، وأصبحت قيمهم المكتسبة وأخلاقياتهم تؤخذ من الشارع والإنترنت أو صديق السوء، بدلاً من أن نكون نحن الأهالي من يغرسها فيهم.
(قال أحد الحكماء امنحوا أبنائكم من وقتكم قبل أن يبحثوا عنه في أماكن لا ترضونها )
نداء لكل أب وأم لنعط كل ذي حقٍ حقه وأن نخلق توازناً داخل منازلنا بين مسألة الرفق بالحيوان وعدم المبالغة بحبه وبين المبالغة والاهتمام بالأبناء وعدم إهمالهم ولو لساعات معدودة، الا تتفقون معي؟؟؟؟؟