
تشهد الساحة العراقية حالة من الجدل حول تضخم ثروات عدد من كبار المسؤولين، وسط اتهامات متزايدة باستغلال المناصب العامة لتحقيق مكاسب شخصية.
واثير الجدل من جديد على التواصل الاجتماعي حول تلقي رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي طلباً رسمياً من هيئة النزاهة لتقديم تفاصيل حول مصادر ثروته، بما في ذلك عقار اشتراه في منطقة كرادة مريم ببغداد، إلى جانب مبلغ 400 ألف دولار في حسابه الشخصي بأحد المصارف الحكومية.
وفي محاولة للدفاع عنه، زعم إعلامي مقرب من الكاظمي أن الأخير يمتلك عقارا تم شراؤه العام 2006 من السياسي والكاتب كنعان مكية، إضافة الى عقار في الكرادة، وأن الأموال المودعة في الحساب تعود إلى مدخراته الشخصية ورواتبه العالية وأنشطته التجارية الخاصة.
لكن هذه التبريرات لم تخلُ من التناقضات، إذ يصعب تصور أن يتمكن مسؤول حكومي من جمع مثل هذا المبلغ خلال فترة وجيزة من توليه المنصب، مما يثير شكوكاً حول شرعية هذه الثروة.
ولم تقتصر الانتقادات على الكاظمي وحده، بل امتدت لتشمل رئيس الوزراء الحالي محمد السوداني، الذي لمّح الإعلامي ذاته من دون أن يسميه، إلى أنه دخل منصبه دون ثروة تُذكر، لكنه بات يمتلك اليوم منزلاً ضخماً في كرادة مريم، يُقارن ارتفاعه بفندق الرشيد الشهير، ويقع بالقرب من عقار الكاظمي.
هذا التشابه في النمط يعزز الانطباع بأن السلطة تحولت إلى بوابة لتراكم الثروات بين نخبة سياسية محددة.
الجدل لا يقتصر على هذين الاسمين، فالتقارير تشير إلى أن قادة العملية السياسية في العراق باتوا يمتلكون قصوراً وأموالاً طائلة لا تتناسب مع مصادر دخلهم المعلنة.
هذه الظاهرة دفعت إلى اتهامات واسعة بأن الفساد أصبح جزءاً متأصلاً في النظام السياسي، حيث يدخل المسؤولون مناصبهم بموارد محدودة ويخرجون منها بثروات هائلة.
الإعلامي المقرب من الكاظمي دعا إلى مساءلة هؤلاء السياسيين، وليس التركيز على الكاظمي وحده.
وواقع الحال ان مبلغ الكاظمي وعقاره تبدو ضئيلة امام ما يمتلكه سياسيون ومتنفذون آخرون، بل لا يقارن حتى بما يملكه بهاء الاعرجي الذي طرده التيار الصدري بتهم الفساد لكن لم يحاسبه أحد.
الوضع يكشف عن أزمة ثقة عميقة بين الطبقة السياسية والمواطنين، مع تصاعد المطالب بمحاسبة حقيقية.
الاستياء المتصاعد ليس مجرد نتيجة لتضخم الثروات، بل لعجز هؤلاء السياسيين عن تقديم إجابات مقنعة، مما يضع النظام السياسي برمته أمام اختبار صعب لاستعادة الشرعية والشفافية.