
د. علي المؤمن ||
هناك أقلية شيعية عراقية مخدوعة بالخطاب الطائفي العنصري (السني العربي)،
وترتمي في حضنه متطوعة، وتردد مصطلحاته التي تزدري الشيعة وتتآمر عليهم وتحط من شأنهم. هذه الأقلية صوتها عال، وتمتلك أدوات كثيرة للصراخ، أبرزها القنوات الطائفية السنية.
صحيح أن شيعة البلدان الأخرى يتعرضون للخداع أيضاً، لكن المشهد العام يُشي بأن الشيعي العراقي أكثر ابتلاعاً للطُّعْم واستسلاماً للخديعة.. لماذا؟!
لأن الشيعي العراقي هو الأكثر استهدافاً من قبل الماكنة الدعائية الطائفية العنصرية على الإطلاق، ولا يوجد شيعي في العالم يتعرض للقصف الدعائي المتواصل،
والتدجين، والتآمر، والقتل المعنوي، كما يتعرض له الشيعي العراقي، وخاصة بعد عام 1980 ثم 2003، فضلاّ عمّا ظل يتعرض له طوال مئات السنين من الإقصاء والتهميش والمجازر والمآسي والترويض والسلخ الطائفي.
وقد خلق هذا الاستهداف التراكمي المتواصل أمراضاً نفسية مستعصية عند بعض الشيعة، أبرزها الانسلاخ عن واقعه الشيعي، ومحاربته، والإحساس بالخجل من الهوية المذهبية، والشعور بالدونية والانْسِحاق والهزيمة والنقص تجاه الآخر الطائفي، والتماهي مع ثقافة الطائفي ومصطلحاته الطائفية العنصرية.
حتى تجد هذا الشيعي الدوني المنهزم داخلياً، تابعاً دون وعي للمتآمرين الطائفيين، يردد ما يقولونه عبر وسائل إعلامهم وقنواتهم الطائفية، وتوجيههم السياسي، وتلقينهم المخابراتي، وينفذ ما يخططون له، حتى من دون أن يغروه بالمال أو يرهبوه بالسلاح.
أما الشيعي الذي ينفذ أجندة الطائفيين مقابل المال، فهو مرتزق وعميل، والذي يخضع لهم نتيجة الخوف، فهو مرجف ورعديد وجبان. وهذان الصنفان ليسا موضوع حديثنا، لأنهما مختلفان عن حالة المتماهي المنهزم ذاتياً، والمستهدَف نفسياً من ماكينة الدعاية والسياسة والمخابرات الطائفية، والذي هو موضوع حديثنا.
فلماذا الشيعي العراقي مستهدَف أكثر من غيره من شيعة العالم؟
لأن الآخر الطائفي يُدرك قوة شخصية الشيعي العراقي وقدراته واندفاعه. فلولا ذلك الاستهداف الدعائي الطائفي العميق والقتل المعنوي، لاكتسح شيعة العراق كل بلدان المنطقة عقائدياً ومذهبياً، وليس العراق وحسب.
فما الحل، إذن، لتخليص وعي هذا الشيعي من سموم التآمر الطائفي وخطابه ودعايته؟
للجواب مقال قادم.