
عدنان عبدالله الجنيد
"كاتبٌ وباحثٌ سياسيٌّ مناهضٌ للاستكبارِ العالميّ"
إنَّ مسيرةَ النصرِ والعزّةِ لا تُبنى إلّا على صخرةٍ من إيمانٍ متينٍ، وعلى ركيزةٍ لا تُزلزلها عواصفُ الزمانِ، ألا وهي الولايةُ الإلهيّة؛ ذاك الولاءُ الروحيُّ العظيمُ، الرابطُ بينَ اللهِ ورسولهِ وأهلِ الإيمانِ المخلصينَ.
فالولايةُ ليستْ لفظًا عابرًا، ولا مفهومًا شائعًا يُقالُ ويُنسى، بل هي مبدأٌ كونيٌّ سامٍ، يشعُّ نورهُ في قلبِ كلِّ معركةِ حقٍّ في وجهِ باطلِ الطاغوتِ والاستكبارِ، والعدوّ اليهوديِّ الذي غيّر وجهَ التاريخِ بظلمٍ وجورٍ.
قالَ اللهُ تعالى:
"وَمَن يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ" (المائدة: 56).
آيةٌ ليست وعدًا عابرًا، بل إعلانٌ صريحٌ عن سرِّ الغلبةِ التي لا تُقهَر، وعن الولايةِ التي بها يُكتسحُ الاستكبارُ والطغيانُ، وتُقهرُ أعتى جيوشِ الأرضِ.
فيا لَها من ولايةٍ!
يا مفتاحَ الغيبِ، وذخرَ الأنبياءِ، وسرَّ الوجودِ في كلِّ الأزمانِ والأمكنةِ!
وليُّ اللهِ ومُواليه، إمامُ الحقِّ المصطفى، عليُّ بنُ أبي طالبٍ عليه السلام، الذي حَلَّقَ بهِ النورُ في عُلُوِّ الأعالي، فكانَ نورًا يُضيءُ ظلماتِ الجهلِ، ويُهدمُ صروحَ الطغيانِ.
إنّ الولايةَ ليستْ مجرَّدَ لفظٍ أو صيغةٍ في قاموسِ الدينِ أو السياسةِ، بل هي قَسَمُ الإيمانِ، ورمزُ الوفاءِ، وأعلى درجاتِ الموالاةِ الروحيةِ والفكريةِ، التي تلتقي عندها القلوبُ قبل الأيدي، فتُشكّلُ اتحادًا كونيًّا بينَ الإلهِ ووليّهِ.
إنّها حركةُ الحياةِ التي تقودُ المجاهدينَ نحو تحقيقِ الانتصاراتِ الكبرى، وبلورةِ المجدِ الأبديِّ في سماءِ الأحرارِ.
وتتجلّى صرخةُ الولايةِ كشعارٍ يترددُ صداهُ في وجدانِ المجاهدينَ، وهو نبضُ توكُّلٍ وإيمانٍ متجسِّدٍ في ساحاتِ المواجهة، وميدانِ الجهادِ المقدس.
ولقد وجدتْ جذورُ هذه الولايةِ العظيمةِ منبرًا شامخًا في اليمنِ الحبيبِ، حيث أحبَّ أهلُ الحقِّ أميرَ المؤمنينَ عليًّا عليه السلام، وتبنّوا نهجهُ المباركَ في معركةِ الفتحِ الموعودِ والجهادِ المقدّس.
هناك، في الأرضِ الطاهرة، بزغَ نورُ الولايةِ، فبلغتْ معاركُ العزِّ فيها ذروتَها، وتجسَّدتْ الإرادةُ الإلهيةُ على أيدي أبطالٍ صنعوا من اليمنِ معقلًا منيعًا في وجهِ جيوشِ الطغاةِ.
لقد كان الفتحُ الموعودُ في اليمنِ بدايةً لانتصاراتٍ عسكريةٍ وسياسيةٍ عظيمةٍ، أغلقت البحارَ والمحيطاتِ في وجهِ الأعداءِ، وأهانت البحريةَ الأمريكيةَ، وفرضت حصارًا بحريًّا وجوِّيًّا خانقًا على العدوِّ الإسرائيليّ.
وبقيادةِ السيد عبد الملك الحوثي (يحفظه الله)، استُهدفت مواقعُ حيويةٌ وحسّاسةٌ في عمقِ العدوِّ، فكان الصمودُ اليمنيُّ نموذجًا يُحتذى بهِ في التضحيةِ والعزّةِ، بل كان نَبْضُ الولايةِ الإلهيّةِ يتدفَّقُ من عروقِ الرجالِ، ويحفرُ في صخورِ التاريخِ أسمى معاني الثباتِ والحكمةِ في مواجهةِ محاولاتِ الهيمنةِ والإذلالِ.
السيدُ عبد الملك الحوثي (يحفظه الله): القائدُ الحكيمُ وحاملُ رايةِ الولايةِ:
إنَّ السيد عبد الملك الحوثي يحفظه الله، رمزُ الولايةِ في زمنِنا، هو المثالُ الحيُّ للولاءِ المطلقِ للهِ ورسولهِ، ولقادةِ الحقِّ والعدلِ.
الرجلُ الذي ورثَ مشعلَ الولايةِ على طريقِ الإمامِ عليٍّ عليه السلام، حملَ لواءَ المقاومةِ بشجاعةٍ وتفانٍ، فكان صمّامَ أمانِ المشروعِ القرآنيِّ في اليمن، وسيدَ العزمِ والإرادةِ التي لا تلين.
هو قائدٌ لا يُقيمُ وزنًا للظروفِ أو التحدياتِ، بل يتحدّاها بإيمانٍ لا يُضاهى، وحكمةٍ بالغةٍ تتخطّى حدودَ السياسةِ التقليديةِ، تُمكِّنه من قراءةِ الميدانِ قراءةَ الثاقبِ، وقيادةِ المجاهدينَ بأسلوبٍ يجمعُ بينَ الصلابةِ والمرونةِ، وبينَ الحزمِ والرحمةِ، وبينَ العلمِ والعملِ.
إنَّه حاملُ لواءِ الولايةِ في زمنِ المؤامراتِ، وزمنِ الاصطفافِ الشيطانيِّ ضدَّ قوى الإيمانِ والكرامةِ، لكن بصمودهِ وثباتهِ، كان المنارةَ التي تهدي أبناءَ اليمنِ، وكلَّ أحرارِ الأمةِ.
كلماتُهُ وتصريحاتُهُ ليستْ مجرَّدَ كلامٍ عابرٍ، بل دروسٌ في الفهمِ العميقِ للإسلامِ السياسيّ، ومواقفُهُ في ساحاتِ المعركةِ ليست ردودَ فعلٍ، بل تجسيدٌ حيٌّ لتعاليمِ الولايةِ التي تُثمرُ انتصاراتٍ على الأرضِ، وتُرسِّخُ قواعدَ العدلِ والحريةِ، وتُنشئُ رجالًا لا يخشَونَ الموتَ، بقدرِ ما يخشَونَ التخاذلَ عن الحقِّ.
وهكذا، فإنَّ السيد عبد الملك الحوثي (يحفظه الله) هو السهمُ الذي لا يُخطئُ هدفَه، وهو القلبُ النابضُ للولايةِ في اليمنِ، والذي صقلَ أبطالَ الجهادِ، وصنعَ من أرضِ اليمن معقلًا للانتصارِ على الطاغوتِ واليهودِ، ليكون امتدادًا طبيعيًّا لجذورِ الولايةِ الإلهيّةِ التي أصبحت منبعًا لقوةِ محورِ المقاومة، ومصدرًا لثباتِ فلسطين.
اليمنُ مهدُ الولايةِ... وفلسطينُ ثمرةُ صمودِها:
وإذا كانت اليمنُ مهدَ الولايةِ وجذورَها الراسخة، فإنَّ فلسطينَ هي الثمرةُ الغاليةُ، التي تحملُ صمودًا أسطوريًّا في وجهِ عدوٍّ مستكبرٍ وجبّارٍ.
المقاومةُ الفلسطينية، وبخاصةٍ في غزّة، جسّدتْ روحَ الولايةِ الحقيقيةِ التوّابةِ لله، التي بها تعانقُ الأرواحُ السماواتِ، وتستمرُّ في كسرِ حلقاتِ الحصارِ والعدوانِ، محقّقةً انتصاراتٍ لم يكن العدوُّ يظنُّها مُمكنةً.
إنَّ سرَّ هذا الصمودِ الأسطوريِّ في غزة، هو انتسابُ المجاهدينَ الحقيقيينَ إلى ولايةِ اللهِ ورسولهِ والذين آمنوا، فكانت المقاومةُ الفلسطينيةُ تجلِّيًا حيًّا للولايةِ الإلهيةِ، وامتدادًا لفعلِ الإيمانِ الذي انطلق من اليمنِ، وما زالَ نبضُهُ يترددُ في كلِّ رصاصةٍ، وكلِّ كلمةٍ، وكلِّ صرخةٍ تحطِّمُ جبروتَ الطغاةِ.
في الختام:
يا أصحابَ الحقِّ، وأعلامَ الولايةِ الإلهيّةِ، اقرؤوا في كتابِ المجدِ ما سَجّلته دماؤُكم على صفحاتِ التاريخِ، فإنَّ النصرَ الحقيقيَّ لا يُدرَكُ إلّا بتولّي اللهِ ورسولِهِ والذين آمنوا.
إنَّ صرخةَ الولايةِ التي تهزُّ عروشَ الطغاةِ، وتُدمّرُ أصنامَ الاستكبارِ، هي العنوانُ الذي لا يغيبُ عن وجدانِ المجاهدينَ، ومنارةُ الهدايةِ التي تضيءُ دروبَ الأحرارِ.
تلكم هي الولايةُ التي بزغَ نورُها في يمنِ الفتحِ الموعودِ، حيث جُسّدتْ عزائمُ الرجالِ، وانطلقت رياحُ الجهادِ المقدّسِ، فسدّت البحارَ والمحيطاتِ في وجهِ أعداءِ الله، وجعلتْ من اليمنِ حائطَ صدٍّ منيعًا، وسيفًا مسلولًا على رقابِ المعتدينَ.
ومن ثمارِها الباهرةِ: صمودُ غزةَ الأسطوريُّ، حيث يشبُّ المجاهدونَ على روحِ الولايةِ، ويكتسبون منها عزمًا لا يلينُ، ويصنعون بأرواحهم أعظمَ النصرِ.
هذه هي الولايةُ الإلهيّةُ: حيث ينبضُ القلبُ بالإيمان، وتنتصرُ الروحُ بعزيمةِ اللهِ وقائدِ الثورةِ السيد عبد الملك الحوثي يحفظه الله، لتكون فلسطينُ حديقةَ الولايةِ، واليمنُ مهدَ الانتصارِ، ومصدرَ الإلهامِ.
فليشهدِ التاريخُ، وليشهدِ العالمُ، أنَّ الولايةَ هي سرُّ النصرِ، وعنوانُ العزّةِ، وركيزةُ المجدِ الأبديّ.
وفي ختامِ هذا السردِ المفعمِ بروحِ الولايةِ الإلهيّةِ، نرفعُ الأكفَّ إلى بارئِ الأكوانِ، قائلينَ بخشوعٍ وإيمانٍ:
اللهمَّ إنّا نتولاك، ونتولّى رسولَك، ونتولّى الإمامَ عليًّ، ونتولّى من أمرتنا بتولّيه، سيّدي ومولاي عبد الملك بدر الدين الحوثي.
اللهمَّ إنّا نبرأُ من عدوِّك، وعدوِّ نبيّك، وعدوِّ الإمامِ عليٍّ، وعدوِّ من أمرتنا بتولّيه، سيّدي ومولاي عبد الملك بدر الدين الحوثي.
فبهذا الولاءِ الصادقِ، وبصدقِ الانتماءِ للولايةِ، ننتصرُ، ونمضي، ونكتبُ على جبينِ الزمانِ: نحنُ حزبُ الله... ونحنُ الغالبون.