قاسم الغراوي ||
رئيس مركز إنكيدو للدراسات

لم تعد منصات التواصل الاجتماعي مجرد مساحات لتبادل الآراء أو النقاشات العامة، بل تحولت في كثير من الأحيان إلى أدوات فوضوية للتضليل وبث الكراهية وتحريك الرأي العام بوسائل غير مهنية، عبر صفحات مجهولة الهوية وأبواق إعلامية مأجورة، بعيدة كل البعد عن أخلاقيات الإعلام وأصول المهنة.

إن ما نشهده من حملات ممنهجة، وإثارات مدروسة، وتصريحات مفبركة، لا يمكن أن يُصنَّف ضمن إطار حرية التعبير عن الرأي، بل هي فوضى إعلامية تهدد السلم المجتمعي والاستقرار الوطني، وتفتح الباب واسعًا أمام الصراعات والتأزيمات والانقسامات داخل المجتمع.

من المؤسف أن نجد بعض الفضائيات وعددًا من الإعلاميين ينخرطون في هذا النمط المسموم من العمل الإعلامي، دون رادع مهني أو قانوني، ما يجعل الحاجة ملحّة لتفعيل قواعد السلوك المهني، وإعادة النظر بالضوابط الناظمة للعمل الإعلامي، سواء في الفضاء التقليدي أو الرقمي.

إن السكوت عن هذا الانفلات لا يصبّ في صالح أحد، بل يشكل خطرًا متناميًا على الوعي العام، والثقة بالمؤسسات، والعلاقات الاجتماعية بين المكونات. وعلى هذا الأساس، نتوجه بدعوتنا المباشرة إلى الجهات المعنية كافة، وفي مقدمتها:
•دولة رئيس الوزراء، المهندس محمد شياع السوداني
•هيئة الإعلام والاتصالات – CMC
•مجلس أمناء شبكة الإعلام العراقي
•نقابة الصحفيين العراقيين

وندعوهم إلى تحمّل مسؤولياتهم الأخلاقية والمهنية والقانونية في وقف هذا الانحدار، والعمل على:
1.إقرار ضوابط محدثة للإعلام الإلكتروني.
2.مراقبة الأداء الإعلامي وتحجيم الصفحات المجهولة والمسيئة ، والقنوات الفضائية التي تبث السموم .
3.تعزيز ميثاق الشرف الإعلامي بما يضمن التوازن والمهنية.
4.ملاحقة من يروّج للفتنة والكراهية قانونيًا، وعدم التساهل في ذلك.

إن حرية التعبير يجب أن تبقى مصانة، ولكنها لا تعني إطلاق العنان للفوضى الإعلامية، ولا يجوز الخلط بين الحرية وبين التسيّب والانحراف عن القواعد المهنية.

نحن بحاجة اليوم إلى إعلام وطني مسؤول، يرفع من وعي الناس ويعزز التلاحم، لا إعلام منفلت يُستخدم كأداة لهدم الاستقرار وتمزيق النسيج الاجتماعي.