
أحلام الصوفي
في هذا اليوم الثامن عشر من أغسطس، تحل الذكرى السابعة لاستشهاد المجاهد فهد عبده حسن محمد الجنيد (أبو لقمان)، ذلك الرجل الذي ترك بصمة واضحة في وجدان الجميع، سواء من عرفوه عن قرب أو من تأثروا بسيرته وبطولاته.
فهد الجنيد أكثر من مجرد اسم في سجل الشهداء، فهو نموذج الإنسان الذي يشبه أجداده في الشجاعة والإقدام. فقد قيل عنه إنه أشبه بجده الكرار، الإمام علي بن أبي طالب، في صلابته وقوة إيمانه، كما ورث من جده محمد بن صلاح إقدامه وبسالته، ذلك البطل الذي خطّ أروع الملاحم في مقاومة الأتراك في المقدار والحشاء.
صُنع فهد من تربة الإيمان والوفاء، وعاش مقتنعًا أن الدفاع عن الأرض والكرامة واجب مقدس لا يقبل التهاون. لم يسعَ للشهرة أو المجد الشخصي، بل وقف شامخًا في وجه التحديات، مؤمنًا أن الانتصار الحقيقي هو الانتصار للحق.
كان هادئًا في حديثه، صادقًا في موقفه، وجريئًا في قراراته. أصدقاءه يصفونه بأنه صوت الحكمة وسط عواصف الحرب، وقلبه ينبض بثبات يجعل من حوله يشعرون بالأمان.
في أيامه الأخيرة، بدا راضيًا مطمئنًا، مستعدًا لأن يكتب بنفسه خاتمة حياته بدمه، متمسكًا بعقيدته حتى النهاية.
في ذكرى استشهاده السابعة، نستذكر فهد الجنيد ليس حزنًا على فراق، بل فخرًا بنموذج الإنسان الذي لا يتراجع، ويختار التضحية في سبيل القيم والمبادئ التي آمن بها.
إن ذكراه تبقى حية في قلوب الجميع، وتُذكرنا بأن الطريق إلى الحرية والكرامة لا يُهدى، بل يُنتزع بثمن الشجاعة والتضحيات العظيمة. قصته تروي لنا كيف يتحول الإنسان إلى أسطورة لا يموت صداها مع مرور الزمن، بل يتجدّد ويُلهم كل من يواجه الظلم والاضطهاد.
فهد الجنيد، يا من اخترت الشهادة على حياة تسلبك الحق، علمتنا معنى الصبر والثبات، وأكدت أن القلوب التي تنبض بالإيمان لا تعرف الهزيمة. رحمك الله وأسكنك فسيح جناته، وجعل ذكراك منارات تحفّز الأجيال القادمة على التمسك بالقيم والعزة.
في النهاية، يبقى اسمك محفورًا في ذاكرة الوطن، وكل خطوة نحو الحرية تحمل بصمة دمك الطاهر.