
اعداد الدكتورة ابتهال سعد القيسي
مسؤول ملف المرأة والطفل / المديرية العامة لمكافحة الارهاب الفكري/ هيئة الحشد الشعبي.
ملخص:
يُعد اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه (ADHD) من أكثر الاضطرابات النمائية العصبية شيوعاً بين الأطفال، حيث يؤثر على قدرتهم في التركيز، وضبط الانفعالات، والسلوك الحركي. يهدف هذا البحث إلى تسليط الضوء على أسباب فرط الحركة لدى الأطفال، وأبرز الأعراض المصاحبة، وتأثيره على الأسرة والمجتمع، بالإضافة إلى عرض أحدث أساليب التشخيص والتدخل العلاجي.
⸻
المقدمة:
تعد مرحلة الطفولة من أهم المراحل التي تتشكل فيها شخصية الإنسان وتنمو فيها قدراته العقلية والاجتماعية.
غير أن بعض الأطفال يعانون من اضطرابات تؤثر سلباً على نموهم، ومن أبرز هذه الاضطرابات ما يعرف بـ”فرط الحركة وتشتت الانتباه”، والذي بات يمثل تحدياً للأسر والمعلمين والمجتمع على حد سواء.
⸻
أولاً: مفهوم فرط الحركة وتشتت الانتباه (ADHD):
يُعرف اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه بأنه اضطراب عصبي تطوري يؤثر على الوظائف التنفيذية للدماغ، ويتميز بوجود ثلاثة محاور رئيسية:
• تشتت الانتباه: صعوبة في التركيز والبقاء على المهمة لفترات طويلة.
• فرط الحركة: نشاط بدني مفرط وغير مناسب للمواقف.
• الاندفاعية: القيام بتصرفات سريعة دون تفكير في العواقب.
(APA, 2013)
⸻
ثانياً: الأسباب والعوامل المؤدية لفرط الحركة:
تشير الدراسات إلى أن اضطراب فرط الحركة ناتج عن تفاعل عدة عوامل بيولوجية وبيئية، منها:
1. عوامل وراثية:
• وجود تاريخ عائلي للإصابة بالاضطراب.
• تأثير بعض الجينات المرتبطة بوظائف الدماغ.
2. عوامل بيولوجية:
• خلل في توازن بعض النواقل العصبية كالدوبامين.
• اضطرابات في بنية ووظائف مناطق محددة من الدماغ، خاصة الفص الأمامي.
3. عوامل بيئية:
• التعرض للسموم البيئية أثناء الحمل (كالتدخين والكحول).
• الولادة المبكرة أو انخفاض وزن الطفل عند الولادة.
• ضعف البيئة الأسرية أو الحرمان العاطفي.
(Willcutt, 2012; Barkley, 2014)
⸻
ثالثاً: الأعراض والعلامات السلوكية:
تبدأ أعراض فرط الحركة وتشتت الانتباه عادةً في مرحلة الطفولة المبكرة، وتظهر على شكل:
• كثرة الحركة والتنقل بدون هدف.
• صعوبة الجلوس لفترات طويلة في مكان واحد.
• ضعف التركيز والانتباه للتعليمات.
• ارتكاب الأخطاء الناتجة عن التسرع.
• التململ وكثرة التملص من الأنشطة الروتينية.
• مقاطعة الآخرين وعدم احترام الدور.
• الفشل المتكرر في إنهاء المهام الدراسية أو المنزلية.
⸻
رابعاً: تأثير فرط الحركة على الطفل والأسرة:
يؤثر الاضطراب على مختلف جوانب حياة الطفل وأسرته، مثل:
• الأداء الأكاديمي: تدنٍ ملحوظ في التحصيل الدراسي.
• العلاقات الاجتماعية: صعوبات في تكوين علاقات مستقرة مع الأقران.
• الصحة النفسية: زيادة خطر الإصابة بالقلق والاكتئاب.
• الأسرة: ارتفاع مستوى التوتر والقلق لدى الوالدين، وصعوبة التعامل مع الطفل.
(Loe & Feldman, 2007)
⸻
خامساً: أساليب التشخيص:
يعتمد التشخيص الدقيق لاضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه على:
• إجراء تقييم سريري شامل من قبل اختصاصي نفسي أو طبيب مختص.
• استخدام مقاييس وأدوات تقييم معتمدة مثل:
• مقياس كونرز لتقييم السلوك.
• قائمة DSM-5 الخاصة بتشخيص الاضطرابات النفسية.
• جمع معلومات من مصادر متعددة (الوالدين، المعلمين، الطفل نفسه).
⸻
سادساً: التدخلات والأساليب العلاجية:
تتعدد الأساليب المستخدمة في علاج فرط الحركة، وتشمل:
1. العلاج السلوكي المعرفي (CBT):
• تعليم الطفل استراتيجيات لضبط السلوك والانفعالات.
• تدريب الوالدين على أساليب التربية الإيجابية.
2. العلاج الدوائي:
• استخدام أدوية مثل المنشطات العصبية (الميثيلفينيديت).
• يتم صرف الدواء تحت إشراف طبي دقيق.
3. العلاج التربوي والدعم الأكاديمي:
• تعديل البيئة الصفية لتناسب احتياجات الطفل.
• تقديم جلسات تعليم فردي لتحسين التحصيل الدراسي.
4. التدخل المبكر والتوعية الأسرية:
• دور الأسرة محوري في نجاح الخطة العلاجية.
• ضرورة تثقيف الوالدين وتقديم الدعم النفسي لهم.
(Faraone et al., 2015)
⸻
الخاتمة:
اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه من التحديات التي تتطلب تدخلًا مبكراً متكاملاً، يجمع بين الدعم النفسي، والتربوي، والدوائي عند الحاجة. وتبقى الأسرة والمدرسة شريكين أساسيين في تعزيز فرص نجاح الطفل واندماجه السليم في المجتمع.
⸻
المراجع:
1. American Psychiatric Association. (2013). Diagnostic and Statistical Manual of Mental Disorders (5th ed.).
2. Barkley, R. A. (2014). Attention-Deficit Hyperactivity Disorder: A Handbook for Diagnosis and Treatment (4th ed.). Guilford Press.
3. Faraone, S. V., Biederman, J., & Mick, E. (2015). The age-dependent decline of ADHD: A meta-analysis of follow-up studies. Psychological Medicine, 36(2), 159-165.
4. Loe, I. M., & Feldman, H. M. (2007). Academic and educational outcomes of children with ADHD. Journal of Pediatric Psychology, 32(6), 643-654.
5. Willcutt, E. G. (2012). The prevalence of DSM-IV attention-deficit/hyperactivity disorder: A meta-analytic review. Neurotherapeutics, 9(3), 490-499.